يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

عمارة "إيموبيليا" تاريخ من زمن الفن الجميل




نشرته بجريدة الأهالي وأخبار يوم بيوم
"إيموبيليا" واحدة من أضخم وأشهر عمارات القاهرة، كانت مقراً لمشاهير السياسة والاقتصاد والفن والرياضة، لتصبح شاهداً على تاريخ من زمن الماضي الجميل.
تقع عند تقاطع شارعي قصر النيل وشريف، بدأ بنائها عام 1938 من القرن الماضي وانتهى بعد عامين 1940 كان تصميم العمارة عبارة عن برجين على شكل حرف "U" ولكل برج ثلاثة مداخل، وقد أقيمت مسابقة معمارية لتصميمها، فازت بها شركة فرنسية إيطالية من بين أكثر من 14 شركة تقدمت للمسابقة، وتكلف بناؤها حوالي 2 مليون جنيه مصري ونصف، وكان مبلغاً ضخماً في ذلك الوقت، وزينت ممرات العمارة برخام عالي الجودة والنقاء صممته وركبته شركة إنجليزية، وبعد الانتهاء من تشيد العمارة تم تركيب عدد من المصاعد فيها، نشر صاحبها إعلان في الصحف عن تأجير شققها بقيمة شهرية تبدأ من 3 جنيه وصولاً إلى 12 جنيهً، وذلك حسب مساحة كل شقة، وزيادة في عرض المميزات أعفى مالكها المستأجرين من أجرة الـ 3 أشهر الأولى. 
 
مالك العمارة هو الاقتصادي والرأسمالي وصاحب الشركات الضخمة الشهيرة عبود باشا، الذي كانت تقدر ثروته وقتها بـ 30 مليون دولار أمريكي، وكان رئيساً للنادي الأهلي وكان يجتمع بالاعبين في مدخل العمارة الذي  تتوسطه حديقة كان فيها نافورة، وكان يسكن في إحدى شققها بالطابق الثاني وفي نفس الطابق كان هناك مكتب لإدارة شركاته.

شهدت العمارة على أحداث كثيرة دارت بها، حيث يقول العم سباق محمد شحاته: من أحد حراس العمارة ويروي لنا على لسان العم سالم رحمه الله الذي عمل في حراسة العمارة من طفولته وكان يروي للعم سباق.
سكنها نجيب الريحاني فنان الشعب في الطابق الثالث شقة رقم 321 والتي أغلقتها ابنته منذ رحيله، وكان من سكان العمارة أيضاً موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، في الشقة المجاورة لشقة الريحاني الذي أقنعه بترك العباسية والسكن بجواره في العمارة التي ظل بها عبد الوهاب حتى آخر الثمانينيات عندما انتقل للزمالك.
وفي الطابق الثامن كان يسكنان أنور وجدي وزوجته ليلى مراد في الشقة التي أشهرت بها ليلى اسلامها، كما كانت شركة أفلام أنور وجدي في نفس العمارة، وكانت بجوارها شقة الفنانة اليهودية كاميليا الشهيرة بعشيقة الملك فاروق، الذي كان يحضر إليها متخفياً من غير حراسة، وفي الطابق الثالث شقة 311 كان يسكن المطرب الشهير عبد العزيز محمود صاحب أغاني "ياتاكسي الغرام، منديل الحلو يا منديلو" وما زالت الشقة تحمل يافطة افلام عبد العزيز محمود وتملكها ابنته، وكان الفنان محمد فوزي يسكن في الطابق السابع مع زوجته هداية الملقبة بملكة جمال المعادي، ويملكها الآن ابنه الدكتور منير بعد وفاة والدته السيدة هداية التي كانت تزورها باستمرار الفنانة مديحة يسري الزوجة السابقة لمحمد فوزي، كما كان يسكن العمارة الملحن كمال الطويل مع صديقه عبد الحليم شبانة مدرس الموسيقى قبل أن يشتهر ويصبح عبد الحليم حافظ وينتقل للزمالك، وفي العمارة أيضاً شركة أفلام الفنانة ماجدة الصباحي، الشقة التي تم فيها التعارف ثم الحب الذي كلل بالزواج بين ماجدة والفنان إيهاب نافع، كما كانت تقيم الفنانة ماجدة الخطيب في العمارة حتى فترة قريبة قبل وفاتها، وفي الطابق الرابع كان يقيم الفنان محمود المليجي مع زوجته الفنانة علوية جميل، وممن سكنوا العمارة أيضاً الفنان والمخرج محمود ذو الفقار والمخرج الكبير هنري بركات والمخرج كمال الشيخ، والفنانة أسمهان والفنان أحمد سالم والمنتجة آسيا داغر حيث كانت شركة انتاجها، ومن الأدباء كان يسكن توفيق الحكيم الذي تركها حينما ازدحمت بسكانها من الفنانين، ومن السياسين كان البرنس إسماعيل باشا حسن، رئيس الديوان الملكي وابن عم الملك فاروق، وأحمد باشا كامل، وإسماعيل باشا صدقي، والدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، وأيضاً كان فيها مكتب نقيب المحامين أحمد الخواجه، ومن الأطباء الدكتور محمد عطية طبيب الأطفال الشهير، ومن أثرياء اليهود الخواجة سلفادور شيكوريل صاحب المحلات الشهيرة، والجواهرجي ريمون صبري و....   

وعلى الرغم من أن العمارة لا تزال تحافظ على جمالها وثباتها، إلا أنها أصبحت شبيهة بمباني المصالح الحكومية لازدحامها بمكاتب وشركات كثيرة

وقد ظلت العمارة مملوكة لعبود باشا حتى عام 1961 حين أمم الزعيم جمال عبد الناصر أملاكه ومن بينها عمارة "إيموبيليا" فأصيب بذبحة صدرية وأوصى طبيبه بسفره للخارج، فغادر مصر ومعه 5 ملايين جنيه وكمية من المجوهرات التي لم يصل لها التأميم، وبقى في الخارج حتى موته، وآلت ملكية العمارة لشركة الشمس للإسكان والتعمير، وما زالت مملوكة لها حتى الآن.

وكان من الطريف أن أبطال فيلم غزل البنات جيران، فجميعهم يسكنون عمارة واحدة "نجيب الريحاني وليلى مراد وملحن الأغاني محمد عبد الوهاب والمنتج أنور وجدي" الفيلم الذي كان من بطولة الريحاني ولم يشاهده حيث توفي قبل عرضه بأيام
وفي احدى الأيام كان المخرج  صلاح أبو سيف في زيارة أحد الفنانين في العمارة، فتعطل الأسانسير وبقي فيه لساعات حتى تم إصلاحه، فجائته فكرة فيلم بين السما والأرض.